السبت، 27 أبريل 2013

قصه نجاح كنتاكي

  النجاح يأتي احيانا بعد الخامسه والستين....

صفة كولونيل ساندرز السرية جعلته ثاني أشهر شخصية معروفة في العالم في عام 1976 كان ميلاده في التاسع من شهر سبتمبر عام 1890 م في بلدة هنريفيل التابعة لولاية إنديانا الأمريكية، وفارق والده -عامل مناجم الفحم - الحياة وعمره ست سنوات، ومع اضطرار والدته حينئذ للخروج للعمل لتعول الأسرة، كان على ساندرز أن يهتم بشأن أخيه ذي الثلاث سنوات وأخته الرضيعة، وكان عليه أيضاً أن يطهو طعام الأسرة، مهتديًا بنصائح ووصفات أمه. في سن السابعة كان ساندرز قد أتقن طهي عدة أنواع من الأطباق الشهية، من ضمنها الدجاج المقلي في الزيت.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ أضطر ساندرز كذلك للعمل في صباه في عدة وظائف، أولها في مزرعة مقابل دولارين شهريًا، ثم بعدها بسنتين تزوجت أمه ورحل هو للعمل في مزرعة خارج بلدته، و بعدما أتم عامه السادس عشر خدم لمدة ستة شهور في الجيش الأمريكي في كوبا، ثم تنقل ما بين وظائف عدة من ملقم فحم على متن قطار بخاري، لقائد عبارة نهرية، لبائع بوالص تأمين، ثم درس القانون بالمراسلة ومارس المحاماة لبعض الوقت، وباع إطارات السيارات، وتولى إدارة محطات الوقود. إنه هارلند دافيد ساندرز، الرجل العجوز المشهور، ذو الشيب الأبيض الذي ترمز صورته لأشهر محلات الدجاج المقلي. لقد كانت رحلة هذا الرجل في الحياة صعبة بلا شك.
في عامه الأربعين كان ساندرز يطهو قطع الدجاج، ثم يبيعها للمارين على المحطة التي كان يديرها في مدينة كوربين بولاية كنتاكي الأمريكية، وهو كان يُجلس الزبائن في غرفة نومه لتناول الطعام. رويدًا رويدًا بدأت شهرته تتسع وبدأ الناس يأتون فقط لتناول طعامه، ما مكنه من الانتقال للعمل كبير الطهاة في فندق يقع على الجهة الأخرى من محطة الوقود، ملحق به مطعم اتسع لقرابة 142 شخص. على مر تسع سنين بعدها تمكن ساندرز من إتقان فن طهي الدجاج المقلي، وتمكن كذلك من إعداد وصفته السرية التي تعتمد على خلط 11 نوع من التوابل الكفيلة بإعطاء الدجاج الطعم الذي تجده في مطاعم كنتاكي اليوم.
كانت الأمور تسير على ما يرام، حتى أن محافظ كنتاكي أنعم على ساندرز (وعمره 45 سنة) بلقب كولونيل تقديرًا له على إجادته للطهي، لولا عيب واحد — اضطرار الزبائن للانتظار قرابة 30 دقيقة حتى يحصلوا على وجبتهم التي طلبوها. كان المنافسون (المطاعم الجنوبية) يتغلبون على هذا العيب بطهي الدجاج في السمن المركز ما ساعد على نضوج الدجاج بسرعة، على أن الطعم كان شديد الاختلاف. احتاج الأمر من ساندرز أن يتعلم ويختبر ويتقن فن التعامل مع أواني الطهي باستخدام ضغط الهواء، لكي يحافظ دجاجه على مذاقه الخاص، ولكي ينتهي من طهي الطعام بشكل سريع، كما أنه أدخل تعديلاته الخاص على طريقة عمل أواني الطبخ بضغط الهواء في مطبخه!
ما أن توصل ساندرز لحل معضلة الانتظار وبدأ يخدم زبائنه بسرعة، حتى تم تحويل الطريق العام فلم يعد يمر على البلدة التي بها مطعم ساندرز، فانصرف عنه الزبائن. بعدما بار كل شيء، اضطر ساندرز لبيع كل ما يملكه بالمزاد، وبعد سداد جميع الفواتير، اضطر ساندرز كذلك للتقاعد ليعيش ويتقوت من أموال التأمين الحكومية، أو ما يعادل 105 دولارات شهريًا. لقد كان عمره 65 عامًا وقتها!
بعدما وصل أول شيك من أموال التأمين الاجتماعي (الذي يعادل المعاشات في بلادنا) إلى الرجل العجوز، جلس ليفكر ثم قرر أنه ليس مستعدًا بعد للجلوس على كرسي هزاز في انتظار معاش الحكومة، ولذا أقنع بعض المستثمرين باستثمار أموالهم في دجاج مقلي شهي، وهكذا كانت النشأة الرسمية لنشاط دجاج كنتاكي المقلي أو كنتاكي فرايد تشيكن، في عام 1952.
قرر ساندرز أن يطهو الدجاج، ثم يرتحل بسيارته عبر الولايات من مطعم لآخر، عارضًا دجاجه على ملاك المطاعم والعاملين فيها، وإذا جاء رد فعل هؤلاء إيجابياً، كان يتم الاتفاق بينهم على حصول ساندرز على مقابل مادي لكل دجاجة يبيعها المطعم من دجاجات الكولونيل. بعد مرور 12 سنة، كان هناك أكثر من 600 مطعم في الولايات المتحدة وكندا يبيعون دجاج كولونيل ساندرز. في هذه السنة (عام 1964)، وبعدما بلغ ساندرز سن 77، قرر أن يبيع كل شيء بمبلغ 2 مليون دولار لمجموعة من المستثمرين (من ضمنهم رجل عمل بعدها كمحافظ ولاية كنتاكي من عام 1980 وحتى 1984)، مع بقاءه المتحدث الرسمي باسم الشركة (مقابل أجر) وظهوره بزيه الأبيض المعهود ولمدة عقد من الزمان في دعايات الشركة. عكف العجوز في خلال هذا الوقت على الانتهاء من كتابه Life As I Have Known It Has Been Finger Lickin’ Good (أو: الحياة التي عرفتها كانت شهية بدرجة تدفعك للعق الأصابع – كناية عن الجملة الدعائية التي اشتهرت بها دعايات الشركة) والذي نشره في عام 1974.
تحت قيادة المستثمرين الجدد، نمت الشركة بسرعة، وتحولت في عام 1966 إلى شركة مساهمة مدرجة في البورصة، وفي عام 1971 تم بيعها مرة أخرى بمبلغ 285 مليون دولار، حتى اشترتها شركة بيبسي في عام 1986 بمبلغ 840 مليون دولار. في عام 1991 تم تحويل الاسم الرسمي للشركة من دجاج كنتاكي المقلي إلى الأحرف الأولى كي اف سي، للابتعاد عن قصر النشاط على الدجاج المقلي، لإتاحة الفرصة لبيع المزيد من أنواع الطعام. اليوم يعمل أكثر من 33 ألف موظف في جميع فروع كنتاكي، المنتشرة في أكثر من 100 دولة.
قبل أن يقضي مرض اللوكيميا (سرطان الدم) على الكولونيل وسنه 90 عامًا، كان العجوز قد قطع أكثر من 250 ألف ميل ليزور جميع فروع محلات كنتاكي. حتى يومنا هذا، تبقى وصفة كولونيل ساندرز أحد أشهر الأسرار التجارية المحُاَفظ عليها.
 وتلخيص للقصة :
  • من طفولة بائسة جاء إتقان الطهي، ومن عمل في محطة للوقود بدأت الشهرة، ومن عمل في المطبخ جاءت الوصفة السرية – لكل حدث جلل في حياة كل منا حكمة بالغة، احرص على أن تقف عليها وتستفيد منها.
  • كلما اشتدت واستعصت على الحل المشاكل، فاعلم أن الفرج قريب، وكلما صبرت وجاهدت  سيكون النجاح كبيراً
  • كان ساندرز شديد الثقة في منتجه (حلاوة طعم دجاجه) ما مهد له طريق النجاح
  • لم ييأس ساندرز أبدًا، ولو يأس لما استطاع أحد أن يلوم عليه
  • بقي ساندرز مطلعًا على الحديث في صناعته: فن الطبخ.
  • لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، وما لم يقتلك سيجعلك أكثر صلابة وقوة
  • سويكيرو هوندا

    تعتبر قصة نجاح شركة هوندا أروع مثال حول تحقيق النجاح إثر القرار الذي اتخذه سويكيرو هوندا، إذ شأن كل الشركات مهما كانت كبيرة الحجم, فقد بدأت شركة هوندا بقرار وبرغبة عارمة في التوصل إلى نتيجة ففي عام 1938، وحين كان هوندا ما يزال طالبا في المدرسة استثمر كل ما يملك في ورشة صغيرة بدأ يطور فيها مفهوم حلقة الصمام والتي تستخدم للسيارات وكان يريد أن يبيع ما ينتجه لشركة تويوتا. ولذا أخذ يجاهد ليل نهار وذراعاه مغموستان في الشحم حتى كوعيه، وينام في ورشته وهو يمتلئ إيمانا بأنه قادر على التوصل إلى نتيجة.

    بل إنه رهن مجوهرات زوجته لكي يتمكن من متابعة عمله. غير أنه حين استكمل حلقات الصمام التي يصنعها وقدمها لشركة تويوتا قيل له إنها لا تتوافق مع مقاييس تويوتا. لذا عاد إلى المدرسة لمدة سنتين حيث احتمل سخرية مدرسيه وزملائه في الدراسة وهم يتحدثون عن سخافة تصميماته.

    غير أنه قرر أن يتابع التركيز على هدفه بدلا من التركيز على الألم الناجم عن تجربته الفاشلة. وفي النهاية، وبعد عامين آخرين وقعت معه شركة تويوتا العقد الذي طالما حلم به. وقد أفلح في حماسة وقناعته، لأنه كان يعرف ماذا يريد واتخذ الإجراءات المطلوبة ولاحظ ما الذي أفلح فيه, واستمر يغير في منحاه إلى أن توصل إلى ما يريد وبعد ذلك نشأت مشكلة جديدة.

    كانت الحكومة اليابانية تعد نفسها للحرب ولذا رفض طلبه للحصول على الاسمنت اللازم لبناء معمله. فهل توقف؟ لا. هل ركز على الظلم الذي وقع عليه؟ وهل كان معنى ذلك بأن حلمه قد مات؟ بالتأكيد لا فقد قرر ثانية استخدام تجربته وانتهج استراتيجية جديدة. فقد اخترع هو وفريقه عملية لإنتاج الاسمنت اللازم لهم ومن ثم بنوا معملهم.
    ولكن هذا المعمل قصف مرتين أثناء الحرب مما أدى لتدمير أجزاء رئيسية من هذا المرفق الصناعي. فماذا كانت استجابة هوندا؟ لقد جند فريقه على الفور وأخذوا يجمعون علب البنزين الفارغة التي كانت المقاتلات الأمريكية تتخلص منها حيث أطلق على هذه العلب مسمى (هدايا الرئيس الأمريكي ترومان) لأنها وفرت له المواد الأولية التي يحتاجها للعمليات الصناعية التي ينوي القيام بها، وهي مواد لم تكن متوفرة في اليابان حينذاك.

    وبعد ذلك, وبعد أن نجا من تلك التجارب المريرة حدث زلزال دمر معمله تدميرا كاملا. وقد قرر هوندا بيع عملية صنع الصمامات لشركة تويوتا. هذا إذا رجل اتخذ قرارات قوية بأن عليه أن ينجح. وقد كانت لديه العاطفة الجياشة والقناعة بما يفعله، كما كانت لديه استراتيجية عظيمة واتخذ إجراءات شاملة.
    وقد ظل يبدل منحاه ومع ذلك لم يحقق النتائج التي التزم بتحقيقها, غير أنه قرر الإصرار على موقفه. بعد الحرب عانت اليابان من ندرة مريعة في مؤونات البنزين بحيث إن هوندا لم يعد قادرا على قيادة سيارته لجلب الطعام لعائلته. وفي النهاية، وبدافع اليأس ركب محركا صغيرا لدراجته. وسرعان ما أخذ جيرانه يطلبون منه أن يصنع لهم (دراجات تسير بقوة محرك) وأخذوا يتدافعون للحصول عليها بحيث لم يعد يملك أية محركات, ولذا قرر أن يبني مصنعا لصنع المحركات لاختراعه الجديد، غير أنه لم يكن يملك رأس المال اللازم لذلك مع الأسف.

    ولكنه صمم هذه المرة أيضا على أن يجد طريقة ما, مهما كانت التحديات, وكانت خطته هي أن يناشد أصحاب محلات الدراجات في اليابان وعددهم 18000، أن يهبوا لمساعدته. وأخذ يكتب خطابات لهم، ليبلغهم بأنه يسعى للعب دور في إعادة إحياء اليابان من خلال قوة الحركة التي يمكن لاختراعه أن يوفرها واستطاع إقناع 5000 من هؤلاء البائعين بأن يقدموا له رأس المال اللازم له.

    غير أن دراجته النارية لم تبع إلا للأشخاص المغرمين جدا بالدراجات، إذ إنها كانت شديدة الضخامة ولذا أجرى تعديلا جديدا لصنع دراجات أخف كثيرا وأصغر من دراجته, وسماها (الليث الممتاز) وسرعان ما حققت الدراجة نجاحا باهرا بحيث فاز بجائزة إمبراطور اليابان. وبعد ذلك بدأ بتصدير دراجاته النارية إلى أوروبا والولايات المتحدة. وبعد ذلك بدأ بصنع سياراته في السبعينات من القرن العشرين، وحظيت هذه السيارات برواج واسع النطاق.

    تستخدم شركة هوندا الآن ما يزيد عن 100000 عامل في كل من الولايات المتحدة واليابان، وتعتبر إحدى أهم إمبراطوريات صنع السيارات في اليابان بحيث لا يفوقها في كمية المبيعات في الولايات المتحدة إلا شركة تويوتا. ولقد نجحت هذه الشركة لأن رجلا واحدا أدرك قوة الالتزام الصادق بقرار اتخذه والاستمرار في التصرف على هذا الأساس مهما كانت الظروف