السبت، 27 أبريل 2013

قصه نجاح كنتاكي

  النجاح يأتي احيانا بعد الخامسه والستين....

صفة كولونيل ساندرز السرية جعلته ثاني أشهر شخصية معروفة في العالم في عام 1976 كان ميلاده في التاسع من شهر سبتمبر عام 1890 م في بلدة هنريفيل التابعة لولاية إنديانا الأمريكية، وفارق والده -عامل مناجم الفحم - الحياة وعمره ست سنوات، ومع اضطرار والدته حينئذ للخروج للعمل لتعول الأسرة، كان على ساندرز أن يهتم بشأن أخيه ذي الثلاث سنوات وأخته الرضيعة، وكان عليه أيضاً أن يطهو طعام الأسرة، مهتديًا بنصائح ووصفات أمه. في سن السابعة كان ساندرز قد أتقن طهي عدة أنواع من الأطباق الشهية، من ضمنها الدجاج المقلي في الزيت.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ أضطر ساندرز كذلك للعمل في صباه في عدة وظائف، أولها في مزرعة مقابل دولارين شهريًا، ثم بعدها بسنتين تزوجت أمه ورحل هو للعمل في مزرعة خارج بلدته، و بعدما أتم عامه السادس عشر خدم لمدة ستة شهور في الجيش الأمريكي في كوبا، ثم تنقل ما بين وظائف عدة من ملقم فحم على متن قطار بخاري، لقائد عبارة نهرية، لبائع بوالص تأمين، ثم درس القانون بالمراسلة ومارس المحاماة لبعض الوقت، وباع إطارات السيارات، وتولى إدارة محطات الوقود. إنه هارلند دافيد ساندرز، الرجل العجوز المشهور، ذو الشيب الأبيض الذي ترمز صورته لأشهر محلات الدجاج المقلي. لقد كانت رحلة هذا الرجل في الحياة صعبة بلا شك.
في عامه الأربعين كان ساندرز يطهو قطع الدجاج، ثم يبيعها للمارين على المحطة التي كان يديرها في مدينة كوربين بولاية كنتاكي الأمريكية، وهو كان يُجلس الزبائن في غرفة نومه لتناول الطعام. رويدًا رويدًا بدأت شهرته تتسع وبدأ الناس يأتون فقط لتناول طعامه، ما مكنه من الانتقال للعمل كبير الطهاة في فندق يقع على الجهة الأخرى من محطة الوقود، ملحق به مطعم اتسع لقرابة 142 شخص. على مر تسع سنين بعدها تمكن ساندرز من إتقان فن طهي الدجاج المقلي، وتمكن كذلك من إعداد وصفته السرية التي تعتمد على خلط 11 نوع من التوابل الكفيلة بإعطاء الدجاج الطعم الذي تجده في مطاعم كنتاكي اليوم.
كانت الأمور تسير على ما يرام، حتى أن محافظ كنتاكي أنعم على ساندرز (وعمره 45 سنة) بلقب كولونيل تقديرًا له على إجادته للطهي، لولا عيب واحد — اضطرار الزبائن للانتظار قرابة 30 دقيقة حتى يحصلوا على وجبتهم التي طلبوها. كان المنافسون (المطاعم الجنوبية) يتغلبون على هذا العيب بطهي الدجاج في السمن المركز ما ساعد على نضوج الدجاج بسرعة، على أن الطعم كان شديد الاختلاف. احتاج الأمر من ساندرز أن يتعلم ويختبر ويتقن فن التعامل مع أواني الطهي باستخدام ضغط الهواء، لكي يحافظ دجاجه على مذاقه الخاص، ولكي ينتهي من طهي الطعام بشكل سريع، كما أنه أدخل تعديلاته الخاص على طريقة عمل أواني الطبخ بضغط الهواء في مطبخه!
ما أن توصل ساندرز لحل معضلة الانتظار وبدأ يخدم زبائنه بسرعة، حتى تم تحويل الطريق العام فلم يعد يمر على البلدة التي بها مطعم ساندرز، فانصرف عنه الزبائن. بعدما بار كل شيء، اضطر ساندرز لبيع كل ما يملكه بالمزاد، وبعد سداد جميع الفواتير، اضطر ساندرز كذلك للتقاعد ليعيش ويتقوت من أموال التأمين الحكومية، أو ما يعادل 105 دولارات شهريًا. لقد كان عمره 65 عامًا وقتها!
بعدما وصل أول شيك من أموال التأمين الاجتماعي (الذي يعادل المعاشات في بلادنا) إلى الرجل العجوز، جلس ليفكر ثم قرر أنه ليس مستعدًا بعد للجلوس على كرسي هزاز في انتظار معاش الحكومة، ولذا أقنع بعض المستثمرين باستثمار أموالهم في دجاج مقلي شهي، وهكذا كانت النشأة الرسمية لنشاط دجاج كنتاكي المقلي أو كنتاكي فرايد تشيكن، في عام 1952.
قرر ساندرز أن يطهو الدجاج، ثم يرتحل بسيارته عبر الولايات من مطعم لآخر، عارضًا دجاجه على ملاك المطاعم والعاملين فيها، وإذا جاء رد فعل هؤلاء إيجابياً، كان يتم الاتفاق بينهم على حصول ساندرز على مقابل مادي لكل دجاجة يبيعها المطعم من دجاجات الكولونيل. بعد مرور 12 سنة، كان هناك أكثر من 600 مطعم في الولايات المتحدة وكندا يبيعون دجاج كولونيل ساندرز. في هذه السنة (عام 1964)، وبعدما بلغ ساندرز سن 77، قرر أن يبيع كل شيء بمبلغ 2 مليون دولار لمجموعة من المستثمرين (من ضمنهم رجل عمل بعدها كمحافظ ولاية كنتاكي من عام 1980 وحتى 1984)، مع بقاءه المتحدث الرسمي باسم الشركة (مقابل أجر) وظهوره بزيه الأبيض المعهود ولمدة عقد من الزمان في دعايات الشركة. عكف العجوز في خلال هذا الوقت على الانتهاء من كتابه Life As I Have Known It Has Been Finger Lickin’ Good (أو: الحياة التي عرفتها كانت شهية بدرجة تدفعك للعق الأصابع – كناية عن الجملة الدعائية التي اشتهرت بها دعايات الشركة) والذي نشره في عام 1974.
تحت قيادة المستثمرين الجدد، نمت الشركة بسرعة، وتحولت في عام 1966 إلى شركة مساهمة مدرجة في البورصة، وفي عام 1971 تم بيعها مرة أخرى بمبلغ 285 مليون دولار، حتى اشترتها شركة بيبسي في عام 1986 بمبلغ 840 مليون دولار. في عام 1991 تم تحويل الاسم الرسمي للشركة من دجاج كنتاكي المقلي إلى الأحرف الأولى كي اف سي، للابتعاد عن قصر النشاط على الدجاج المقلي، لإتاحة الفرصة لبيع المزيد من أنواع الطعام. اليوم يعمل أكثر من 33 ألف موظف في جميع فروع كنتاكي، المنتشرة في أكثر من 100 دولة.
قبل أن يقضي مرض اللوكيميا (سرطان الدم) على الكولونيل وسنه 90 عامًا، كان العجوز قد قطع أكثر من 250 ألف ميل ليزور جميع فروع محلات كنتاكي. حتى يومنا هذا، تبقى وصفة كولونيل ساندرز أحد أشهر الأسرار التجارية المحُاَفظ عليها.
 وتلخيص للقصة :
  • من طفولة بائسة جاء إتقان الطهي، ومن عمل في محطة للوقود بدأت الشهرة، ومن عمل في المطبخ جاءت الوصفة السرية – لكل حدث جلل في حياة كل منا حكمة بالغة، احرص على أن تقف عليها وتستفيد منها.
  • كلما اشتدت واستعصت على الحل المشاكل، فاعلم أن الفرج قريب، وكلما صبرت وجاهدت  سيكون النجاح كبيراً
  • كان ساندرز شديد الثقة في منتجه (حلاوة طعم دجاجه) ما مهد له طريق النجاح
  • لم ييأس ساندرز أبدًا، ولو يأس لما استطاع أحد أن يلوم عليه
  • بقي ساندرز مطلعًا على الحديث في صناعته: فن الطبخ.
  • لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، وما لم يقتلك سيجعلك أكثر صلابة وقوة
  • سويكيرو هوندا

    تعتبر قصة نجاح شركة هوندا أروع مثال حول تحقيق النجاح إثر القرار الذي اتخذه سويكيرو هوندا، إذ شأن كل الشركات مهما كانت كبيرة الحجم, فقد بدأت شركة هوندا بقرار وبرغبة عارمة في التوصل إلى نتيجة ففي عام 1938، وحين كان هوندا ما يزال طالبا في المدرسة استثمر كل ما يملك في ورشة صغيرة بدأ يطور فيها مفهوم حلقة الصمام والتي تستخدم للسيارات وكان يريد أن يبيع ما ينتجه لشركة تويوتا. ولذا أخذ يجاهد ليل نهار وذراعاه مغموستان في الشحم حتى كوعيه، وينام في ورشته وهو يمتلئ إيمانا بأنه قادر على التوصل إلى نتيجة.

    بل إنه رهن مجوهرات زوجته لكي يتمكن من متابعة عمله. غير أنه حين استكمل حلقات الصمام التي يصنعها وقدمها لشركة تويوتا قيل له إنها لا تتوافق مع مقاييس تويوتا. لذا عاد إلى المدرسة لمدة سنتين حيث احتمل سخرية مدرسيه وزملائه في الدراسة وهم يتحدثون عن سخافة تصميماته.

    غير أنه قرر أن يتابع التركيز على هدفه بدلا من التركيز على الألم الناجم عن تجربته الفاشلة. وفي النهاية، وبعد عامين آخرين وقعت معه شركة تويوتا العقد الذي طالما حلم به. وقد أفلح في حماسة وقناعته، لأنه كان يعرف ماذا يريد واتخذ الإجراءات المطلوبة ولاحظ ما الذي أفلح فيه, واستمر يغير في منحاه إلى أن توصل إلى ما يريد وبعد ذلك نشأت مشكلة جديدة.

    كانت الحكومة اليابانية تعد نفسها للحرب ولذا رفض طلبه للحصول على الاسمنت اللازم لبناء معمله. فهل توقف؟ لا. هل ركز على الظلم الذي وقع عليه؟ وهل كان معنى ذلك بأن حلمه قد مات؟ بالتأكيد لا فقد قرر ثانية استخدام تجربته وانتهج استراتيجية جديدة. فقد اخترع هو وفريقه عملية لإنتاج الاسمنت اللازم لهم ومن ثم بنوا معملهم.
    ولكن هذا المعمل قصف مرتين أثناء الحرب مما أدى لتدمير أجزاء رئيسية من هذا المرفق الصناعي. فماذا كانت استجابة هوندا؟ لقد جند فريقه على الفور وأخذوا يجمعون علب البنزين الفارغة التي كانت المقاتلات الأمريكية تتخلص منها حيث أطلق على هذه العلب مسمى (هدايا الرئيس الأمريكي ترومان) لأنها وفرت له المواد الأولية التي يحتاجها للعمليات الصناعية التي ينوي القيام بها، وهي مواد لم تكن متوفرة في اليابان حينذاك.

    وبعد ذلك, وبعد أن نجا من تلك التجارب المريرة حدث زلزال دمر معمله تدميرا كاملا. وقد قرر هوندا بيع عملية صنع الصمامات لشركة تويوتا. هذا إذا رجل اتخذ قرارات قوية بأن عليه أن ينجح. وقد كانت لديه العاطفة الجياشة والقناعة بما يفعله، كما كانت لديه استراتيجية عظيمة واتخذ إجراءات شاملة.
    وقد ظل يبدل منحاه ومع ذلك لم يحقق النتائج التي التزم بتحقيقها, غير أنه قرر الإصرار على موقفه. بعد الحرب عانت اليابان من ندرة مريعة في مؤونات البنزين بحيث إن هوندا لم يعد قادرا على قيادة سيارته لجلب الطعام لعائلته. وفي النهاية، وبدافع اليأس ركب محركا صغيرا لدراجته. وسرعان ما أخذ جيرانه يطلبون منه أن يصنع لهم (دراجات تسير بقوة محرك) وأخذوا يتدافعون للحصول عليها بحيث لم يعد يملك أية محركات, ولذا قرر أن يبني مصنعا لصنع المحركات لاختراعه الجديد، غير أنه لم يكن يملك رأس المال اللازم لذلك مع الأسف.

    ولكنه صمم هذه المرة أيضا على أن يجد طريقة ما, مهما كانت التحديات, وكانت خطته هي أن يناشد أصحاب محلات الدراجات في اليابان وعددهم 18000، أن يهبوا لمساعدته. وأخذ يكتب خطابات لهم، ليبلغهم بأنه يسعى للعب دور في إعادة إحياء اليابان من خلال قوة الحركة التي يمكن لاختراعه أن يوفرها واستطاع إقناع 5000 من هؤلاء البائعين بأن يقدموا له رأس المال اللازم له.

    غير أن دراجته النارية لم تبع إلا للأشخاص المغرمين جدا بالدراجات، إذ إنها كانت شديدة الضخامة ولذا أجرى تعديلا جديدا لصنع دراجات أخف كثيرا وأصغر من دراجته, وسماها (الليث الممتاز) وسرعان ما حققت الدراجة نجاحا باهرا بحيث فاز بجائزة إمبراطور اليابان. وبعد ذلك بدأ بتصدير دراجاته النارية إلى أوروبا والولايات المتحدة. وبعد ذلك بدأ بصنع سياراته في السبعينات من القرن العشرين، وحظيت هذه السيارات برواج واسع النطاق.

    تستخدم شركة هوندا الآن ما يزيد عن 100000 عامل في كل من الولايات المتحدة واليابان، وتعتبر إحدى أهم إمبراطوريات صنع السيارات في اليابان بحيث لا يفوقها في كمية المبيعات في الولايات المتحدة إلا شركة تويوتا. ولقد نجحت هذه الشركة لأن رجلا واحدا أدرك قوة الالتزام الصادق بقرار اتخذه والاستمرار في التصرف على هذا الأساس مهما كانت الظروف

    السبت، 30 يوليو 2011

    قصة نجاح والت ديزني

    من أين يحصل المشاريعي على الأموال ليحول حلمه إلى حقيقة؟ تاتي الأمال من مصادر متعددة، لكن في حالة والت ديزني بدأ كل شيء بطريق ورق سري.
    بعد أن ولد في شيكاغو وتربى في مزرعة صغيرة في ميسوري، انتقل والت ديزني إلى كنساس سيتي مع عائلته عندما كان في العاشرة من عمره. عمل هو وأخوه بدون أجر في توزيع الصحف لصالح ترخيص التوزيع الموجود لدى أبيه. وحالما كان يجد زبونا جديد، كان والت يتجاوز والده ويشتري أعداد إضافية من مكاتب الصحف مباشرة، مؤسسا بذلك طريقه الخاص. وبواسط أرباح مشروع الخاص، كان قادرا على تلبية رغبته بشراء الحلوى من دون علم والديه اللذن كانا يمنعان الحلويات في المنزل.
    ومن هذه البداية نمت وتفرعت مهنة ديزني المشاريعية في الحياة. فعندما كان مراهقا كذب بشأن عمره ليلتحق بالصليب الأحمر للخدمة في الحرب العالمية الأولى كي يلحق بأخيه الأكبر روي الذي يجله كثيرا.وتعلم لعب البوكر بشكل جيد، كما بدأ لعبة احتيال خاصة به وهي بأن يعالج الخوذ الألمانية التي جمعها من أرض المعركة، بحيث تبدوا وكأن أصحابها الأصليين قد أصيبوا في الرأس. وكان يبيعها كـ “تذكارات حربية أصلية” على الجنود الذين يمرون على مراكز الصليب الأحمر. وقد جمع والت ما اعتبره ثروة صغيرة ليرسل النقود إلى أمه حتى توفرها له.
    عند عودته إلى الوطن في نهاية الحرب، حاول أن يحقق حلم طفولته بأن يكون رسام كاريكاتير في صحيفة. ومع أنه أظهر موهبة فنية، إلا أنه لم يستطع إبداع الكاريكاتير الساخر الحاد من النوع الذي تريده الصحف. ويسبب إحباطه من الاستقبال الفاتر في شيكاغو، انتقل والت إلى مدينة كانساس سيتي مع أخيه روي الذي وجد له عملا في الرسوم التوضيحية للإعلانات والمواد التعريفية (الكاتالوجات).
    كان العمل لفترة قصيرة. ومن خلال انضمامه إلى فريق مع الرسامين المهرة الذين قابلهم في عمله الأول، أقنع والت ديزني ناشرا محليا بأن جريدته المنبوذة، ذات الميزانية الضئيلة، سوف تتحسن جدا بإضافة الإعلانات التوضيحية. واستخدم والت 250 دولارا من مدخراته في الحرب لشراء ما يكفي من أدوات وتجهيزات للبدء في المشروع.
    ولإنتباهه الدائم للمزيد من فرص الأعمال، أحال والت الخدمة مطابع أخرى في البلدة. وقبل مرور وقت طويل، انتقل “ايويركس أند ديزني” إلى مكتب حقيقي حيث كان لدى الاثنين ما يكفي من مال لحضور دار السينما المحلية، حيث كانا مفتونين بأفلام الكارتون. وفيما بعد، استجاب ديزني لإعلان من شركة “كنساس سيتي فيلم آد” (Kansas City Film AD Company)التي تقدم الدعاية للأفلام يطلب رسام كارتون وسعى لبيع خدمات الشراكة. وعندما علم أن العمل قد عرض عليه لوحده، تخلى عن نصفه في الشراكة إلى ايويركس ومضى خارجا من أعمال الرسوم التوضيحية.
    وبسرعة أصبح ديزني نجما في الطاقم الفني، لكنه لم يبق طويلا مع شركة قبل أن يؤسس شركته الخاصة للإنتاج وهي شركة “لاف-أو-غرام فيلمز” (Laugh-O-Gram Films, Inc.). وفي محاولة لجمع رأس المال اللازم للتفرع من الإعلان، باع ديزني حصصا من شركته إلى مواطنين محليين. وبرأسمال يبلغ 15000 دولار، أنتج فلمي كرتون قصيرين اعتمادا على قصص خرافية وتم توزيعهما في أنحاء البلاد. وبالرغم من أن الفلمين حظيا بشعبية واسعة، فإن ديزني إلا أنه لم يقبض أي شيء مما قاده سريعا إلى الإفلاس. لكنه استطاع انقاذ جهاز كاميرا ونسخة من عمله الأصلي “أليس في بلاد العجائب” من أيدي الدائنين. وبعد جمع بعض المال من أخذ تاصور الفوتوغرافية لصالح بعض الصحف المحلية، توجه ديزني غربا نحو هوليوود ليبدأ من جديد.
    استخدم والت نسخة فيلم “أليس في بلاد العجائب”، والفيلمين القصيرين لعرض لموهبته، واعتمد على سحره، والعلاقات القديمة، والعائلة في للحصول على الدعم المالي. فعلى سبيل المثال، وافق عميل لشركة “لاف-أو-غرام” على تمويل إنتاج عدد من مغامرات ” أليس” ودعمه أخوه، روي، في صفقات تجارية، وجدد بعض مؤيديه القدامى في كنساس مساهماتهم. ومرت شركة ديزني بروداكشنز” بدورات من الرخاء والبلاء يمكن إرجاعها إلى نزعة المؤسس نحو الكمال، وعندما حصل لديزني ما أراد، كانت منتجاته رائعة ولكن غالية الثمن، ليجد الأخوان ديزني نفسيهما مقلوبين على رأسيهما في التعامل مع صناعة الصور المتحركة. وبالرغم من أن اسم الشركة أصبح معروفا عالميا، إلا أنه كان صعبا عليها أن تحقق الأرباح.
    تمثلت نقطة الانعطاف من حيث تحقيق الأرباح في إنتاج فيلم كرتون سينمائي طويل، وهو “سنو وايت والأقزام السبعة “. فقد ظهر هذا الفلم في عام 1937 وكان نجم شباك التذاك. ومن أرباح هذا الفلم، بدأ والت ديزني العمل على ثلاثة أفلام أخرى ووسع الخطة والمرافق. وقد تم استكمال كل فلم من الأفلام الثلاثة، و هي “بينوكيو” و “بامبي” و “وفانتازيا”، بإنفاق يزيد كثيرا عن الميزانية ولم تكن ناجحة في البداية في السوق الأمير كية. ولزيادة الأمر سوءا، اندلعت الحرب العالمية الثانية مع إصدار الأفلام الثلاثة، مما دمر السوق الأوروبية المربحة. ومع ازدياد ديون الإنشاء، فإن البديل الوحيد للتمويل كان بيع الأسهم للجمهور. وفي نيسان 1940 بيع 755.000 سهم عادي وتفضيلي، مما جمع حوالي 8 ملايين دولار لرأس المال، مما أنقذ الشركة مرة ثانية.
    بيد أن تحولها إلى شركة عامة لم يكن الخلاص النهائي لـ “ديزني برودكشنز”. فقد كان والت ديزني، مثل العديد من المشاريعيين النموذجيين، يدير الشركة بسيطرة تامة على كل التفاصيل ولم ييكن يحبذ تفوض أي مسؤوليات أو واجبات إلى المساهمين. وقد أصبح والت تعبا من أفلام الكرتون والسينما، لذلك حول اهتمامه إلى حلم آخر، وهو إقامة حديقة للتسلية. بيد أن روي لم ير في ذلك مصلحة مادية، فأقنع مجلس الإدارة وبعض المصارف برفض طلب والت للحصول على الأموال. وفي ظل حماسه الشديد للحصول على المال من أجل تحقيق حلمه، تحول إلى مصدر مختلف لرأس المال: وهو التلفزيون. وبالرغم من أن التلفزيون كان أحدث وسيلة للتسلية وأكثرها شعبية، إلا أن شركة “ديزني برودكشنز” قد تجنبته، لأنها رأت أنه يحط من قدرها. وبما أن كل مصادر ‘يرادات الأخرى كانت مسدودة، فقد وافق ديزني على إقامة مشروع مشترك مع “أي بي سي” (ABC)، التي كانت الأصغر والأحدث بين شركات البث التلفزيوني. ومقابل 5 ملايين دولار من التمويل للحديقة، وافق ديزني على بث ميكي ماوس في التلفزيون. ومنذ لك الوقت لم تعد الأشياء على حالها أبدا سواء لقناة “أي بي سي” أو لشركة “ديزني برودكشنز” أو لعامة الأمريكيين.
    بحلول عام 2002، نمت شركة والت ديزني ليصبح لديها 112 ألف موظف وما يزيد عن 25 مليار دولار من العائدات. وبالإضافة إلى حدائق ديزني حول العالم، فقد منحت الشركة اسمها التجاري عبر قنوات تسلية مختلفة بما فيها قناة ديزني تلفزيونية، وإذاعة ديزني، وإنتاج ديزني المسرحي، ومخازن ديزني، وخط ديزني للرجلات البحرية ومجموعة ديزني للإنترنت.
    وكما في حالة المهنة المشاريعية ل
    والت ديزني التجارية، فإن إحدى أهم المشاكل التي يواجهها كل مشاريعي هي تأمين التمويل للمشروع. وبالرغم من هذه مشكلة طوال حياة أي مؤسسة، فإنها مشكلة حادة بشكل خاص في مرحلة البداية. ومن وجهة نظر المشاريعي، فكلما استمر المشروع أطول بدون رأسمال خارجي، كلما انخفضت تكلفة رأس المال من حيث أسعار الفائدة أو خسائر الأصول داخل الشركة. إذا تم استثمار مبلغ من المال في شركة فإنه بعد ثلاث سنوات من تتبع سجلات المبيعات والأرباح فإن الاستثمار يمكن أن يدر نحو 10%. ونفس المبلغ من رأس المال المستثمر في وقت أبكر من تاريخ الشركة قد يدر 30% من الأصول. ومن وجهة نظر الممول، فإن فرصة الاستثمار المحتملة تتطلب نسبة من المخاطر على العائد. ويمكن توقع عائد أعلى عندما تكون المخاطر أكبر. وعنصرا المخاطر هما ما إذا سكون العلم (الفكرة) قادرا على العمل وما إذا سيقبل السوق ما ينتج من منتج أو خدمة. وهذا الفصل يصف بعض المصادر الشائعة (إلى جانب بعض المصادر غير الشائعة) من رأس المال والظروف التي يتم في ظلها الحصول على المال. وكما هي الحالة مع والت ديزني، فإن مصادر مختلفة لرأس المال تستخدم عامة في أوقات محتلفة من حياة المشروع.

    قصة نجاح بليندا كوداراما

    على الرغم من أن الخطط الأولى للمشاريع الجديدة غالبا ما تواجه انتقادات تتهمها بكونها “احلام شهرة ومجد”، إلا أنها تبقى باعتبارها الوثيقة الاكثر اهمية بالنسبة إلى للمشاريعي (entrepreneur). فمن غير المحتمل ان يفكر المشاريعيون (entrepreneurs) المحتملون بالقيام بأي مغامرة جديدة حتى تكون خطة المشروع قد اكتملت. اضافة إلى ذلك تساعد خطة المشروع في بلورة رؤية صحيحة عن ماهية الاحتياجات التي تكون منجزة. وتطوير واعداد خطة المشروع يمكن ان ينطوي على عقبات كثيرة وتقتضي تعهدا قويا من قبل المشاريعي قبل ان يمكن استعمالها فعليا، من ثم تنفيذها.
    ولا احد يعرف هذا اكثر من بيليندا غواداراما، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “جي سي ميكرو” (GC Micro) التي تقوم بتجهيز المكونات بأجزاء الكمبيوتر وكذلك البرمجيات لـ (1000) شركة كبيرة اضافة الى صناعة الدفاع والفضاء.

    وكونها المشاريعي لهذه الشركة التي يبلغ الآن حجمها 32 مليون دولار، فقت تم تسمية بيليندا من قبل منظمتين ناطقتين بالاسبانية، هما غرفة التجارة للناطقين بالاسبانية في الولايات المتحدة وجمعية الاعمال اللاتينية، باعتبارها سيدة الاعمال الأولى لعام 2002. كما انها كانت الفائز الثاني في شخصيات الأعمال الصغيرة على المستوى القومي لنفس العام.
    وبالرغم انها تعد اليوم واحدة من المشاريعيين الناجين، فان الرحلة بالنسبة لها كانت طويلة وشاقة ورافقها العديد من النجاحات والاخفاقات.
    فبعد التخرج من جامعة ترينيتي، واخذها للعديد من مقررات الدراسة العليا في جامعة تكساس في اوستن، بدأت العمل لصالح النائب العام لتكساس كمدير للموارد البشرية والتدريب.


    وانتقلت لاحقا الى كاليفورينا خلال فترة الازدهار التكنولوجي في ثمانيات القرن الماضي لتعمل لدى شركة تبيع البرمجيات من خلال الطلبات البريدية. ومثل آخرين كثيرين، وفإنها وجدت عندما وصلت في احد الايام الى عملها اخطارا على الباب يبين بأن الشركة قد اغلقت.
    وفي تلك اللحظة اتخذت بيليبدا قرارا بان تبدأ بعمل خاص بها. فقد احست انه الوقت المناسب ان تتحمل بعض المخاطرة لانها ليس لهل عمل وامكانياتها محدودة.
    في العام 1986، ومع بعض من زملاء العمل السابقين، باشرت بمشروع شركة (GC Micro). ومن أجل جمع رأسمال الأولي والاموال اللازمة لبعض النفقات اثناء اعداد وتطوير خطة العمل، فقد باعت منزلها وحولت اموال تقاعدها الى نقود.
    لقد اتخذت قرارا متعمدا في تلك المرحلة بأن تضع كل شي في هذا السبيل. اخيرا، وبوجود خطة عمل جاهزة، بدأت قرع الابواب محاولة جمع المال للشروع بالعمل. وفي ذلك الوقت بالذات بدأت تواجه بعض العقبات في العملية المشاريعية عندما تعرضت لرفض بعد اخر. فلم تستطيع حتى ان تحصل على مصرف يقرضها 5000 دولار للمضي في خططها.


    ولحسن الحظ، بقيت مصرة الى ان وجدت مصادفة ادارة الاعمال الصغيرة (SBA) لبرامج القروض والتي تكفلت بضمان الجزء الاكبر من قرض من خلال مصرف مشارك محلي. وبعد تقديم خطتها من خلال هذا البرنامج، استلمت قرضها الاول من مصرف محلي.
    ان تجميع راسمال المشروع بالعمل كان فقط واحدا من العوائق المبكرة التي تغلبت عليها. وكونها امراة ومن اصل لاتيني وجب عليها التغلب على العديد من ممارسات التمييز والإساءة السلبية.
    وفي مقابلة مع زبون محتمل سمعته يقول إنها إمرأة من الاقلية لا تملك المؤهلات الادارية الكافية لتوضيح خط الانتاج الذي تخطط له وبذلك رفض طلبها.
    ومع ذلك، فان اجتهادها واصرارها اثمر. ففي نهاية السنة الاولة من العمل حققت الشركة عائدات بمقدار 20900 دولار. بهذا النجاح، الزبون الذي رفضها، غيّر موقفه، وأصبحت وكيلا مجازا لمنتجاته.


    تلا ذلك النجاح، نجاح آخر، وسرعان ما سعت لابرام عقود مع وزارة الدفاع الأمريكية. في بحثها في هذه السوق، إكتشفت بعض المتطلبات مفادها أنّ العديد من المتعاقدين مع الحكومة يتضمّنون نسبة مئوية من أعمال يملكها مواطنو الأقليات بوصفهم متعاقدين من الباطن (subcontractors).
    وإكتشفت أيضا ان لس هناك ما يكفي الأعمال التي يمتلكها مواطني الأقليات، الامر الذي قدّم فرص عظيمة لمشروعها.
    ولكن، بينما كانت تواصل التحرّي عن فرصها، وجدت انها ممنوعة من الاطلاع على السجلات التي سبق أن كانت متاحة امامها. فقرّرت ملاحقة هذا الوضع في المحكمة، عارفة أنّ هذا قد يشتت نطاق عملها باكمله.


    ومن ثم، وصلت القضية المسماة GC Micro Corporation المرفوعة ضد the Defense Logistics Agency (الوكالة اللوجستية في وزارة الدفاع)، الى المحاكم فدامت سنوات عدة. في هذه الأثناء، كان عملها في خطر منذ أن اعلنت العديد من الشركات أنها لن تتعامل معها. في النهاية ربحت قضيتها. فذاع صيتها لدى المجالات الصناعية كافة، بوصفها شخصا لا يخشى من اتخاذ موقف معين، وتتمتع بمهارات قيادية قوية.
    اصبحت شركتها واحدة من قلة من أنظمة عقود التجهيز التي تتسم بانضباط وقت التسليم. وفي العام 2003 نالت الشركة جائزة الدقة في المواعيد JIT Supplier Partenership Award.


    وشاعت مهارات غواداراما المشاريعية أيضا فبلغت نشاطات المجتمعات المدنية، حيث وفرت الدعم لبرامج مثل “برنامج California Ltino-Chicago High School Drop-Out Prevention Program، و Canal Community Alliance، و Ochoa Migrant Farm Workers Camp، و Gilory YMCA.
    ويعزى نجاح بيلندا الى شخصيتها المشاريعية القوية. فلم تكن تخشى العمل الشاق الذي يحتاج الى التخطيط، ولم تترد في الدفاع عن موقفها لما وجدت انها كانت على حق. كما ان إلتزامها تجاه المؤسسات قد جعلها مصدر إلهام للعديد من أصحاب الاعمال من ذوي الاصول الاسبانية من الرجال والنساء.

    قصة نجاح كوكو شانيل

    لم تكن كوكو شانيل متقدمة على زمنها فحسب بل كانت، حسب مجلة التايم الأمريكية، متقدمة على نفسها أيضا. فلو نظر أحد على أعمال أشهر مصممي الأزياء المعاصرين بضمنهم توم فورد وهيلموت لانغ وميوتشيا برادا وجيل سوندرز ودوناتيلا فيرساتشي، لرأى في العديد من إستراتيجياتهم صدى لما قامت به شانيل.
    فالطريقة التي مزجت بها شانيل، قبل نحو 85 عاما، بين مفردات الملابس النسائية والرجالية لتخلق أزياء أتاحت للابسيها الشعور بالارتياح الخفي بدلا من التظاهر به هي مثال على كيفية تشابك ذوق شانيل وشعورها بالرقي مع أزياء اليوم.
    -
    تقول المجلة إن شانيل لم تعرف نفسها باعتبارها أنثوية، وفي الحقيقة كانت تتحدث دوما عن الأنوثة بدلا من الأنثوية، لكن أعمالها مثلت وبدون شك جزءا من تحرر المرأة. فقد مدت حبل النجاة إلى المرأة ليس مرة واحدة بل مرتين وذلك خلال مرحلتين منفصلتين تفصل بينهما عقود من الزمن، أي في العشرينات والخمسينات من القرن الماضي. إذ لم تقدم شانيل على استخدام الأزياء والمنسوجات والمواد التي كان يرتديها الرجال فحسب، بل وأيضا استخدمت، بدءا من نفسها، الملابس الرياضية باعتبارها جزءا مهما من لغة الأزياء.
    يمكن للمرء أن يرى كيف انبثق أسلوب شانيل من الحاجة ولكنه نبع أيضا من التحدي. فلم تكن شانيل قادرة أن تحمل تكاليف شراء ملابس الموضة في ذلك الزمن، لذلك رفضت تلك الملابس وقامت بتصميم ملابسها الخاصة، مستخدمة الستر الرياضية والأربطة التي كانت تمثل الباس اليومي للرجال.
    -
    ليس من قبيل المصادفة إذن أن تصبح شانيل على علاقة وطيدة بالحركات الفنية الحديثة بضمنها حركات دايغيليف وبيكاسو وسترانسكي وكوكتيو. وشأنها شأن هؤلاء الفنانين، كانت شانيل عازمة على تحطيم الصيغ القديمة لكي تخترع أسلوبا تعبر من خلاله عن نفسها. فقد قال عنها كوكتيو في إحدى المرات “إنها عملت الأزياء، وبنوع من المعجزة، طبقا لقواعد يبدو أن لها قيمة عند الرسامين والموسيقيين والشعراء فقط”.
    بحلول أواخر الستينات من القرن المنصرم، أصبحت شانيل جزءا مما أعلنت العصيان عليه في الماضي، ألا وهو مؤسسة الدولة. ولكن لو نظر أحد إلى فلم وثقائي عنها خلال تلك الفترة، فإن بإمكانه أن يبقى على شعوره بوجود ذلك الغضب والفورة لدى إمرأة فلاحة وقوية بدأت ثورتها في عالم الأزياء ضد المجتمع من خلال استهدافها للرأس أولا وعبر القبعات. فالقعبة الطفولية التي ابتدعتها كانت على تباين صارخ مع قبعات “بيل إيبوك” التي كانت تمثل الموظة آنذاك والتي سخرت منها شانيل بقولها “كيف يمكن للدماغ أن يعمل تحت تلك الأشياء؟”
    يتجلى ذهن شانيل الحاذق في كل شيء قامت به، من استخدامها الذكي للشعار (Logo) إلى فهمها العميق لقوة الشخصية وإلى العبئة والتغليف، وحتى إلى أهمية استنساخ تصاميمها. وكانت لا تكل عن ترديد المقولات الشهيرة التي يجري اقتباسها من قبل أوساط متنوعة عديدة. فقد قالت مرة “إن الزي ليس مجرد ملبس، بل إنه في الهواء تحمله الريح. وبإمكان المرء أن يحدس وجوده، فهو في السماء وفي الطريق”.
    -
    ربما يتطايق الأمر مع شخصيتها نوعا ما من حيث أنه غالبا ما كان يجري تصويرها وهي تحمل بين أناملها سيجارة أو تقف أمام “آرت ديكو” أو جدار المرايا في منزلها. فالأزياء تميل لأن تنطوي على جرعة كبيرة من الدخان والمرايا، لذلك ليس من الغريب أن تكون نسخة شانيل من حياتها تنطوي على تنوع من الأكاذيب والإبداعات والتغطية وإعادة النظر. ولكن كما قالت وميوتشيا برادا إن شانيل “كانت عبقرية عن حق. ومن الصعب تحديد سبب ذلك، إلا أن للأمر شيء يتعلق برغبتها لأن تكون مختلفة ولرغبتها بأن تكون مستقلة”.
    من المؤكد أن حياة شانيل قد سارت على غير ما يمكن التكهن به حتى من قبلها. فحتى وفاتها (في عام 1971 وبعمر ناهز الـ 87 عاما في جناحها بفندق ريتز الباريسي الشهير) مثلت نهاية مترفة لم تكن متوقعة لها من قبل راهبات دار أوبازين للأيتام التي قضت فيها شانيل وقتا بعد وفاة والدتها وتخلي والدها عنها.
    ولا شك أن الراهبات في كنيسة مولينز بباريس اللائي أخذن شانيل عندما كانت في سن السابعة عشر قد أعربن عن دهشتهن عندما تخلت الفتاة الشابة عن وظيفة الخياطة التي ساعدنها على إتقانها لتصبح مغنية في أحد الملاهي الليلية.
    قادتها مهنتها الجديدة لكي تصبح عشيقة أخرى من عشيقات إيتيان بولسان، الشاب الغني اللعوب الذي نهض بمهمة تمويل إنتقالها إلى باريس وافتتاحها لأول أعمالها في مجال تصميم وخياطة القبعات.
    -
    هذا العمل مهد الطريق لصفقة أكبر وأفضل في حياتها عندما انتقلت شانيل في علاقتها الغرامية إلى آرثر كيبيل، صديق بولسان، والذي قيل أنه كان حبيب عمرها والذي دعم توسع أعمالها من القبعات إلى الملابس من باريس إلى المنتجعات الفرنسية الساحلية.
    أحد نجاحات شانيل المبكرة تمثل في الكنزة الواسعة التي ربطت حولها حزام وصاحبتها بتنورة. كانت تلك الانتصارات المبكرة شبيهة بالملابس التي كانت تعملها لنفسها، من حيث أنها كانت ملابس نسائية مصنوعة من جميع المواد الرجالية مثل الجيرسي الذي كان مرتبطا بملابس الرجال الداخلية.
    استمر نجاح وتقدم شانيل على جميع الأصعدة، الاجتماعية والجنسية والمهنية، طوال العشرينات من القرن الماضي لتزداد شهرتها وتضعها في مصاف الأساطير. وبحلول أوائل الثلاثينات وصلت سمعة شانيل إلى هوليوود التي بدأت بمغازلتها، لتذهب إلى هناك وتعود إلى باريس مرة أخرى. اقتربت شانيل بعد ذلك من الزواج من أغنى رجل في أوروبا آنذاك، وهو دوق ويستمنستر. ولكن تفسيرها لفشل مشروع الزواج أعربت عنه بما يلي: هناك عدة دوقات لويستمنستر، ولكن هناك شانيل واحدة”.
    في الواقع لم تكن هناك كوكو شانيل واحدة بل هناك العديد منها بقدر أعمالها المبدعة وأساليبها المبتكرة مثل التنورات الغجرية والمجوهرات الإصطناعية الكثيرة واللباس الليلي اللامع.
    -
    غير أن العنصر الوحيد الذي أمن لشانيل دخول التاريخ من أوسع أبوابه، حتى في الأوقات التي واجهت فيه الفشل والنسيان، لا يتمثل في قطعة من الملابس بل في سائل ذهبي أطلق عليه اسم شانيل رقم 5 الذي جرى تدشينه في عام 1923 والذي مثل أول عطر يحمل اسم هذه المصممة الشهيرة.
    يشير المتتبعون لحياة شانيل إلى أن إنتاج العطور قد حافظ على اسم شانيل طوال العقود حتى عندما تدهورت سمعتها أثناء الحرب العالمية الثانية عندما ظهر أن لديها مشاعر عداء للسامية وللمثليين الجنسيين رغم الإشاعات التي تحدث عن كونها تميل إلى الجنسين.
    استجابت شانيل للحرب بغلق أعمالها في مجال الأزياء وإقامة علاقة مع هانز غونثر فون دينكلاغ، الضابط النازي الذي تضمنت أفضاله عليها السماح لها بالإقامة في فندق ريتز. بعد ذلك بسنوات، وتحديدا في عام 1954 عندما قررت العودة إلى عالم التصميم كان اسم شانيل يثير لدى البعض شيء من الكره والامتعاض.
    اعتمادا على بعض المصادر فإن عودة شانيل إلى الأزياء ترجع لأسباب عديدة أهمها الفشل الذي واجهته مبيعات العطور، واستيائها مما كانت تراه في تصاميم ذلك الوقت، وكذلك الملل الذي اصابها.
    -
    وجميع هذه الأسباب تبدو معقولة مثلما تبدو معقولة نظرية كارل لاجيرفيد بشأن أسباب النجاح الكاسح الذي حققته البدلة النسائية التي صممتها 
    كوكو شانيل. إذ يشير لاجيرفيد الذي يقوم الآن بتصميم أزياء شانيل والذي إليه يرجع الفضل في تحويل اسم شانيل إلى شركة أكبر وأكثر انسجاما مع عالم الأعمال من أي وقت مضى، إلى أنه “بحلول الخمسينات كان لدى شانيل ميزة وفائدة الابتعاد مما مكنها من تنقية مظهر شانيل”.
    في أوروبا نظر البعض إلى عودتها باعتبارها محاولة يائسة لن يكتب لها النجاح، وفي الولايات المتحدة لم يتجه الأمريكيون إلى شراء ملابسها بما يكفي من السرعة. ولكن بحلول عام 1969 أصبح اسم شانيل الأكثر انتشارا في العالم حتى كان يكفي لفظ اسمها الأول، كوكو، لينتقل المرء مباشرة في ذهنه إلى الثورة في عالم الأزياء التي غيرت مظهر المرأة في العالم.

    قصة نجاح مؤسسة السهلي للصيانة والمقاولات

    تعلق عبدالله السهلي بوالده منذ الصغر, ومال دائماً إلى تقليده في كل مايفعل, كما أحب دائما أن يصاحبه في كل سفرياته وانتقالاته ومهامه التجارية. وقد اكتشف الوالد ميل الصبي الصغير الى التجارة وحبه المبكر لمزاولتها, فحرص على أن يوطد تلك العلاقة ويعمقها, حتى يتعرف عليها وتتعرف عليه.
    فتبوح له بأسرارها, وتمكنه من مغاليقها, وتسلمه مفاتيحها. وكثيرا ماكان الوالد يصطحبه معه إلى العمل كما كان يأخذه في الكثير من رحلات السفر داخل المملكة, ويطلعه على الكثير من المهام والأعمال.
    هكذا نشأ الفتى على ماعوده أبوه. وبدأت قصة السهلي مع التجارة والمقاولات التي أحبها منذ نعومة اظافره. تأسست “مؤسسة عبدالله السهلي للصيانة والمقاولات” عام 1420هـ واتخذت من الجبيل مقراً لها. وقد تخصصت كمؤسسة فردية في مقاولات المباني وصيانة وتشغيل المنشآت الصناعية والديكور.
    السهلي الإبن الذي تأثر بالسهلي الأب أدرك جيداً أن تسعة أعشار الرزق في التجارة. وأن العمل الحر فيه ثلاثة أرباع الرزق. وأدرك أيضاً أن التميز كل لايتجزأ. وأن من يتميز سلوكاً وأخلاقاً لابد أن يكون متميزاً بطبعه في تجارته وجميع أعماله. وأكثر مايميز رجل الأعمال هو قدرته على تحمل الصعوبات والمعوقات وقدرته على مواجهة مايقابله من تحديات.
    يقول السهلي: رغم العوائق والصعوبات التي واجهتنا خلال سنوات التأسيس, إلا أننا استطعنا, والحمدلله أن نواجهها بالصبر, بل استطعنا ولله الحمد, أن نواجهها بالصبر, بل أننا استطعنا أن نتعايش مع المصاعب, حتى أصبحت شيئاً عادياُ نألفه ونتعود عليه, ومن هنا لم نكن نترك لأية مشكلة تواجهنا أن تربك خططنا أو تحولنا عن أهدافنا, واصبحت معايشة المشكلات والتعايش معها جزء من إيقاع عملنا اليومي. وأصبحت مواجهة المعوقات والمصاعب والتغلب عليها مكوناً أساسياً من خبراتنا وتجاربنا التي اضافت لنا الكثير من المهارات والقدرات في معاملات السوق.
    ويضيف السهلي: وقد قامت المؤسسة بتنفيذ العديد من المشاريع الخاصة في مدينة الجبيل, وحققت تفوقاً كبيراً في أعمالها الهندسية والإنشائية, وقامت بتنفيذ أفكار جيدة وطموحة في أعمال البناء والتشييد التي تولتها في الجبيل, مما أكسبها خبرة واسعة وميزها بالسمعة الطيبة في مجال مقاولات المباني.
    ويواصل السهلي حديثه قائلاً: كان من أهداف المؤسسة من إنشائها التوسع في أنشطتها بحيث تمتد أعمالها لتشمل مجالات أخرى مرتبطة بالمباني والمقاولات. ولذلك قامت المؤسسة بافتتاح نشاط جديد في مجال الديكور وذلك سعياُ إلى تقديم أفضل الخدمات المتميزة والاستفادة من الفرص والتقنيات الجديدة المتاحة في مجالات تضيف المقاولات وتفيدها بالجديد من الإمكانات كما تشريها بالتجارب والخبرات.
    ويضيف: وقد نجحت ولله الحمد بحث اصبحت أعمالنا في مجال الديكور محل التقدير والإعجاب, نتيجة لما تحظى به من عناية واهتمام ورغبة في تحسين الأداء. في إطار توجه المؤسسة للتميز في كافه مجالات عملها, وفي إطار توجه المؤسسة للتوسع الذي تبنته خلال العامين الماضيين وقد حققت المؤسسة الكثير من النجاح في تنفيذ حطتها التوسعية. وبهذا نكون قد حققنا جزءاً كبيراً كم أهدافنا. ولاشك في أن هذا النجاح يساعدنا على أن نستمر في تبني تنفيذ المزيد من التوسعات بشكل تدريجي في السنوات المقبة إن شاء الله.
    وعن أهم آليات النجاح, يقول السهلي إنها تتركز في التخطيط الجيد الذي يعد أهم مميزات المنشآت الناجحة, ونجاحها يعكس قدرتها على إدارة انشطتها الحالية والمستقبلية. ويشير السهلي إلى عامل مهم من عوامل نجاح أي مؤسسة, وهو الإهتمام بتطوير الموارد البشرية قائلا إن مؤسسته سعت دائما إلى تأكيد هذا التوجه في مجمل أعمالها من خلال التعاون مع مكتب العمل خصوصاً في توظيف الكوادر الوطنية, كما تحرص على التعاون مع صندوق التنمية والموارد البشرية للاستفادة من فرص التدريب المناسبة وإلحاق الموظفين السعوديين بالبرامج التدريبية للصندوق.
    ويضيف كذلك فإن المؤسسة التي يرغب في تحقيق النجاح في أنشطتها والساعية إلى التميز في إدارة أعمالها لابد أن تعتمد على قواعد البيانات لحفظ واسترجاع المعلومات الإدارية والفنية, وإصدار التقارير.
    ومن أبرز عناصر نجاح مؤسسته كما يقول السهلي حرصا على بث روح المنافسة الشريفة بين العاملين السعوديين والأجانب, من خلال الحوافز المادية والمعنوية للمتميزين والذين يحققون أعلى درجات الجودة في العمل, ويشير إلى أن مؤسسة السهلي للصيانة والمقاولات تحرص على زيادة الثقة والتوعية بالأفكار ذات القيمة في نشرات المؤسسة الداخلية, إضافة إلى اعتمادها أسلوب تكريم المتميزين في حفلات تقيمها لهذا الغرض.
    ويؤكد السهلي أن النجاح هو أفضل ثمرة يمكن أن يجنيها الإنسان من الإخلاص في عمله. ويضيف: كم تكون سعادة الإنسان، عندما يرى أفكاره تتحقق، وعندما يتأكد من أن نجاحه ثمرة لأنه أراد أن يبني نفسه بنفسه، معتمداً على نفسه وعلى قدراته وإمكاناته، بعد اعتماده على الله.
    -
    ويشير إلى أن من أبرز المعوقات، التي واجهته ومازالت، عدم وفرة العمالة الفنية المدرَّبة، سواء المحلية منها أو الأجنبية، حتى أصبحت تقض مضجع الكثيرين ممن يمارسون أعمال المقاولات، والعمل التجاري بشكل عام. ويدعو وزارة العمل إلى أن تعطي اهتماما أكبر لأصحاب الأعمال الذين يقومون بالعمل في وضح النهار، وبتراخيص وأوراق مجددة، وأن تعاملهم بطريقة تميزهم عن أولئك المخالفين للأنظمة، من تجار التأشيرات.
    ويؤمن السهلي بأن من جد وجد، ومن زرع حصد، وأن من سار على الطريق سوف يصل، كما يؤمن بأن لكل نجاح سره وأسبابه وظروفه، فربما يكون الشخص من المميزين وتتهيأ له جميع الظروف المادية والمعنوية، ولكنه يفشل لسبب من الأسباب، خارج عن إرادته. ويقول: إنه التوفيق، وهو أولاً وأخيراً عطية من عطايا الله .
    وينصح الراغبين في دخول السوق، قائلاً: يجب على من يريد الدخول إلى السوق حالياً، أن يقوم بدراسة السوق بشكل جيد، وألاَّ يضع بيضه كله في سلة واحدة، وإذا جاءه الرزق من باب، فإن عليه أن يستمر فيه، كما أن عليه دراسة السوق بشكل مستمر، ليكون جاهزاً للتغيير في الوقت المناسب، لأن المتغيرات تعد من أهم القوانين التي تحكم العمل التجاري.

    قصة نجاح الأخوان جاكوبز

    عندما كان الأخوان بيرت وجون جاكوبز في العشرين من عمرهما، أقدما على شراء حافلة صغيرة وقديمة أطلقا عليها اسم “ذي إنتربرايز”، ليقوما بملئها بقمصان رياضية كانا قد صمماها بنفسيهما وليجولا في الشوارع والطرق في مدينة بوستون بولاية ماساتشوستس بقصد بيع القمصان وخصوصا في ساحات الجامعات الواقعة في المدينة.
    كانا يغطيان التكاليف التي يتطلبها هذا النوع من النشاط عندما يبيعان 10 قمصان. إلا أنهما عاشا في ضنك وبحد الكفاف. فقد كانا ينامان داخل الحافلة المزدحمة يأكلان شطائر الخبز المغطى بزبدة الفستق والمربى وأحيانا يشتريان وجبة واحدة من محل لبيع البيزا وأحيانا ينجح أحد زبائنهما في مساعدتهما على التسلل إلى كافتريا الجامعة لكي يأكلا وجبة مدعومة.
    وعن تلك التجربة يقول جون الأخ الأصغر بنحو ثلاث سنوات “عندما نحكي هذه القصة للبعض فإنهم يقولون لنا إن مثل هذه الأوضاع تبدو صعبة. إلا أنها لم تكن كذلك في الواقع لأننا كنا شبابا وأقوياء. كان لدينا أمل بأن ما كنا نقوم به سيؤدي بنا إلى شيء كبير ولكننا كنا نقوم بشيء أحببنا القيام به. فقد كنا نبيع بضاعتنا وكنا نسافر ونلتقي مع الناس ونراقب الفتيات أيضا. وخلال أيام النشاط البطيء وإذا كان الطقس جميلا كنا نلعب لعبة الفرزبيز”.
    -
    بعد عشرين عاما من ذلك الوقت، ما يزال الأخوان جاكوبز يبيعان القمصان الرياضية وما زالا يلعبان لعبة الفرزبيز. وباعتبارهما مؤسسين لشركة “لايف إز جود” للألبسة والملحقات ومقرها ولاية بوستون الأمريكية، والتي بلغت قيمة مبيعاتها في عام 2008 نحو 120 مليون دولار، فإن الأخوين جاكوبز لا يترددان في نشر رسالة مفادها التفاؤل وتثمين الأشياء الصغيرة والمرحة في الحياة.
    تقول صحيفة الفاينانشيال تايمز إن غالبية السلع التي تصنعها وتبيعها الشركة – والتي تتجاوز في أنواعها نحو 980 سلعة وتتضمن أفرشة للكلاب وأكواب للسفر وأغطبة لإطارات السيارات – تحمل شعار الشركة والذي هو عبارة عن صورة لشخص رفيع يحمل اسم جيك وهو يستمتع بسلسلة من الهوايات في الهواء الطلق، بضمنها السباحة والرحلات وصيد السمك ولعب الغولف. وفي حين أن محور شعار الشركة ينصب على عبارة “لايف أز جود (أو الحياة جيدة)، إلا أنه يتضمن أحيانا عبارات مثل: استمتع بالوقت الجميل، أو أحب ما تقوم به وقم بما تحب.
    وباعتبارهما مديرين للشركة، استطاع جون وبيرت جاكوبز تطوير نهج مرح للقيام بالأعمال. ولكن، باعتبارهما من المتبرعين للأعمال الخيرية، فإن نهجهما يتسم أيضا بالصرامة والجدية.
    -
    تقول الصحيفة إن الجهود الخيرية للشركة بدأت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة. فقد خسر الأخوان بيرت وجون أصدقاء لهما قتلوا في الهجوم الإرهابي على برجي التجارة في نيويورك، وساد الشركة جو من الوجوم وهبوط المعنويات. وعن ذلك يقول بيرت “كان من الصعب الذهاب إلى العمل بمكان مثل لايف إز جود عندما كان العاملون يتساءلون قائلين: هل الحياة فعلا جيدة؟”.
    قامت الشركة بعد الهجمات بتصميم قمصان تحمل العلم الأمريكي متبرعين بالأرباح إلى مؤسسة “يونايتيد واي” التي تأسست لرعاية مصالح أسر القتلى في الهجمات.
    في العام التالي اختار الأخوان بيرت وجون قضيتين تهتمان برعاية الأسر، هما “كامب سان شاين” التي ترعى الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة، و “بروجيكت جوي” التي تقدم علاج المرح للأطفال الذين يعانون من تأثير المصائب.
    -
    وقد قام الأخوان بتنظيم مهرجان في الهواء الطلق إنطوى على منافسات في الأكل وفي أصباغ الوجه. وينظر الأخوان جاكوبز إلى المهرجانات التي ينظمانها باعتبارها التعبير الحقيقي لعلامة “لايف إز جود”. وغالبا ما تنصب هذه المهرجانات على استخدام منتجات البطيخ والقرع. وتحقق تلك المهرجانات الأرباح عن طريق بيع المواد الغذائية والقمصان وكذلك عن طريق جمع التبرعات. وقد نجح الأخوان جاكوبز في جمع نحو 4 ملايين دولار للمؤسسات الخيرية التي ترعى الأطفال.
    وقد قامت الشركة بتأسيس مؤسسة خاصة بها لغرض توزيع الأموال على المؤسسات الخيرية. وستقوم هذه المؤسسة خلال العام الحالي بتنظيم مهرجان في مدينة تورنتو بكندا وهو الأول من نوعه خارج الولايات المتحدة.
    نشأ الأخوان بيرت وجون في نيدهام وهو حي من أحياء مدينة بوستون بولاية ماساتشوستس. وقد عمل والدهما في دكان لبيع المكائن في حين عملت والدتهما في المنزل حيث قامت بتربية ستة أطفال. وقد عاشت الأسرة في بيت صغير مكون من أربع غرف. ويصف الأخوان طفولتهما بكلمة “الفوضى السعيدة”. إذ يتذكر بيرت قائلا “رغم محدودية الدخل، كانت أمنا تضحك وتغني على الدوام. ويمكن اعتبارها بأنها قد لعبت دورا كبيرا في إلهامنا لكي نؤسس علامة خاصة بنا”.
    وبعد أن أنهيا دراستهما الجامعية، بدأ الأخوان ببيع القمصان في معارض تجارية بشوارع مدينة صغيرة وفي ساحات الجامعات. وفي البداية كان بيع القمصان التي كانت تحمل رسوما من الفن التجريدي وأنواعا من الشخصيات الراقصة يمثل شيئاً من المتعة “وطريقة للحصول على المال اللازم للقيام بالأعمال”، حسبما يؤكد جون، مضيفة “لكننا أردنا أيضا أن نوصل رسالة إلى الآخرين”.
    -وأثناء أيام طويلة قضياها في الطرق والشوارع، تداول الأخوان فيما بينهاما أفكارا كبيرة. وعن ذلك يقول بيرت “كنا نتحدث عن غزو الإعلام لثقافتنا عبر معلومات سلبية. فلم تعد هناك نشرة أخبار السادسة مساء بل كان هناك تقرير القتل الذي يبث في الساعة السادسة. تساءلنا فيما بيننا: هل هناك شيء يمكن أن نخلقه وينصب حول جانب الخير في العالم بدلا من أن يركز على جانب الشر؟ هل بإمكاننا أن نخلق أيقونة بإمكانها أن تصبح رمزا للتفاؤل؟”
    في عام 1994، وأثناء استراحة من رحلات عديدة في الطرق، قام
    الأخوان جاكوبز بتنظيم حفلة. كان بيرت وجون بعيشان آنذاك في شقة بالقرب من بوستون، تكتسي جدرانها بالرسوم. وأثناء الحفلة قام الأخوان بتشجيع الضيوف على أن يكونوا فنانين وأن يختاروا أفضل رسم يرونه على الجدران.
    لاحظ الأخوان بأن أصدقاءهما قد مالوا إلى تحبيذ تخطيط لرسم بسيط رسمه جون، وهو عبارة عن كارتون لوجه يرتدي بيريه سوداء ونظارات شمسية مع ابتسامة عريضة. وتحت هذا الرسم كتب الأصدقاء شيئا من قبيل” هذا الشخص لديه حياة” أو “هذا هو بطلي”.
    شعر الأخوان بعد ذلك إنهما في طريقهما إلى تحقيق شيء لكنهما بحاجة إلى مقدار أكبر من البحث في مجال المستهلكين. مرة أخرى قاما بدعوة أصدقائهما إلى حفلة. وفي هذه الحفلة قاما بوضع لوحة تحت الرسم الكارتوني وقد كتبا عليها 50 تعليقا وشعارا. ومرة أخرى شجعا أصدقاءهما على اختيار أفضل شعار. ولم يمض وقت طويل قبل أن يتأكدا من فوز شعار “لايف إز جود”.
    بعد ذلك قام بيرت وجون بطبع 48 قميصا يحمل كل واحد منها صورة الرسم مع تعليق يقول “لايف إز جود”. وفي اليوم التالي قاما بنصب كابينة في أحد شوارع مدينة كيمبرج بولاية ماساتشوستس والتي تضم جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
    يقول بيرت “كانت هناك أنواع مختلفة من البشر تشتري القمصان، من راكبي الزلاجات الخشبية إلى سائقي درجات هارلي ديفيدسون النارية إلى أؤلئك الذين يرتدون البدلات والأربطة ممن كانوا يعملون في حي المال وإلى معلمي المدارس. كانت هناك فعلا قاعدة واسعة من الزبائن”.
    -
    إلى ذلك يضيف جون قائلا “خلال فترة الخمس سنوات والنصف من بيع القمصان، لم نر من قبل أي شيء يشبه ما حصل في ذلك اليوم. فبعد أن بعنا نصف ما بحوزتنا من تلك القمصان التي تحمل ذلك الرسم وذلك الشعار، طالعنا بعضنا الآخر: فقد كا الأمر مخيفا. فقد وجدنا أخيرا ما كنا نبحث عنه”.
    بعد هذا النجاح الأولي، قام الأخوان جاكوبز بأخذ فكرتهما إلى الشركات المالكة لمحلات التجارية وإلى المعارض التجارية في مدينة نيويورك. وفي الواقع إنهما قاما بمثل هذا الشيء من قبل من أجل بيع القمصان لكنهما لم يحققا النجاح. أما في هذه المرة فقد وجدا استجابة قوية من قبل الشركات والمعارض.
    خلاصة الأمر، وجد الأخوان جاكوبز ذلك المكان الفريد الذي يمكن أن يحتلاه في السوق لكنهما لم يكن لديهما أي فكرة بشأن كيفية إدارة الأعمال. قاما بإرسال شحنات من دون فواتير مثلما قاما بكتابة الطلبيات على صناديق البيتزا الموجودة في شقتهما. لم يكن لديهما حتى جهاز للفاكس أو جهاز كمبيوتر.
    لجأ الأخوان إلى كيري غروس، وهي صديقة وجارة لهما كانت تعمل في المجال القانوني، لتساعدهما على تبني الكمبيوتر في أعمالهما بما في ذلك إعداد الفواتير وإدارة العمليات اليومية. وعن ذلك يقول جون “وجدنا شخصا له خبرة في المال يقول لنا إننا بحاجة إلى تحقيق مبيعات قيمتها 250 ألف دولار حتى يمكننا توفير ما يتطلبه توظيف موظف واحد. وقد وجدنا هذا الرقم كبير للغاية كما لو أنها أخبرتنا بإننا بحاجة إلى 50 مليار دولار”.
    خلال السنة الأولى من تأسيسها، حققت الشركة إيرادات بقيمة 260 ألف دولار. وقد أقدم الأخوان جاكوبز على التعاقد مع غروس وعدد من الأصدقاء الآخرين الذين بقوا شركاء في الشركة التي يحتفظ بها الأخوان بنسبة 80%. في عام 1997 بلغت إيرادات الشركة 1.2 مليون دولار لترتفع في عام 1998 إلى 2 مليون دولار. أما اليوم فقد أصبح لدى الشركة 4500 موزع يعملون في 30 بلدا.
    ليس لدى الأخوين جاكوبز أي نية ببيع الشركة أو إدراجها في سوق الأسهم. فعلى الرغم من حالة الركود الاقتصادي المخيمة الآن إلا أنهما يبديان تفاؤلا كبيرا بآفاق الشركة. إذ يقول بيرت “سواء كان الاقتصاد في حالة صعود أو هبوط فإننا بحاجة إلى أن نكون متفائلين. أعتقد بأن ونستون تشرشل هو من قال: أنا متفائل. وعلى ما يبدو لا ينفع للمرء أن يكون أي شيء عدا أن يكون متفائلا”.